استمرار الكتابة
منذ أن أصدر البدوى رواية الرحيل عام 1935 واتخذ خطه ومنهجه فى الحياة فى كتابة القصة القصيرة حتى آخر أيام حياته فى 11/2/1986 ، فقد نشرت له صحيفة مايو قصة " السماء لا تغفل أبدًا فى 4/3/1985 وعمره فى ذلك الوقت يزيد على 77 عاما ، وآخر أعماله قصتين كتبهما بالقلم الرصاص وعلى ورق أبيض فى دفتر كبير لم ينشرهما ، وسمى الأولى باسم " الطوق " وهى تحكى قصة سيدنا موسى عليه السلام منذ ولادته وحتى قيام الحروب الدامية طوال ثلاثين عاما " حروب 48 و56 و67 و1973 " التى زرعت الحقد والخوف فى النفوس وذهب فيها آلاف الشهداء ، ثم ذهاب الرئيس السادات إلى القدس .. ويقص البدوى .. ويقول "وفكر الرجل العظيم فى أن ينهى هذا كله مواجهة .. دون لف أو دوران وذهب إلى القدس.. يحمل حمامة السلام وراية السلام البيضاء .. واستجابت له النفوس واهتزت من الفرحة القلوب " .
ويختتم قصته بقوله .. " فما جدوى القتل وماجدوى التدمير.. ؟ وما الذى يستفيده الناس من الحروب ؟ الغالب والمغلوب فى خساره .. تلك سنة الحياة الكبرى " .
والقصة الثانية بعنوان " المعراج " لم يكملها البدوى وقد كانت آخر أعماله .
ويقول البدوى .. " أنا لا أفكر فى الخلود أبدًا ، أو تخطى حدود الزمان الذى عشنا فيه ، الخلود أسطورة لا أعرفها ، ولا أتصور كاتبا ينقب فى حياتى بعد موتى ، وحتى إن حاول أحد ذلك ، لن يجد فى بيتى ولا فى أهل بيتى ما يعينه على فهم أى شىء ، أنا أكتب لأطارد من خلال الكلمة شبح الموت والخوف والرعب ، أحاول الوقوف مع مكسورى الجناح من البشر ، ورفع الظلم عنهم . بالنسبة لى أحيانا أكتشف أننى أكتب لأطارد شبح الملل عنى ، كلها أشباح أطاردها ، من خلال ما أكتبه "
" عندما تنتابنى ساعة الخوف من شىء مجهول ، أفكر فى كتابة قصة وبعد كتابة القصة أشعر براحة لا حدود لها ، أنا أكتب عن المعذبين والمضطهدين ومن لا حول له ولا قوة ، وهذا يعطينى دافعا للإجادة " .
" وأنا حتى فى هذه السن الكبيرة أتحرك فى الشارع لألتقط الصور لكى أكون منها قصة " .
" أكتب لأدفع شيئا رهيبا فى النفس ــ قد يكون هذا مرضا ــ هو شبح الخوف من شىء مجهول ، لا أستطيع أن أوضحه بالكلام إطلاقا ، غير أنه جعلنى كثير السفر والرحيل ، شىء نفسى ، لأننى عندما أكتب القصة أستريح تماما وأشعر كأن كل أعصابى ، وكل جسمى ارتاح تماما ، خصوصا إذا أحببت البطل أو البطلة ، وعايشتهما وأخرجتهما على الورق كما عايشتهما "
" أتوحد مع أبطالى لدرجة المعايشة المطلقة ، وهم يعيشون معى فى ذهنى وحواسى إلى أن أفرغ من كتابة القصة " .
" ما أريد قوله فى هذا الصدد ، أن كل إنسان كاتب لديه حاسة غرور تحضه على الاستمرار ، ولحظات القلق والخوف هى التى جعلتنى أستمر فى الكتابة لأنها تظهر لحظات التجلى للفنان ، وهى التى تجعل الكاتب يعيش ، كما أن من الكتاب من يتوهم أن عليه رسالة ، هذه الأشياء مجتمعة هى التى جعلتنى أستمر فى الكتابة .
والحقيقة أننى ، فى الواقع ، عندما أرى مشهدا من الحياة يعذب نفسى ، أنفعل به إلى أقصى درجة ، ولا أملك إلا أن أصوره ، وعندئذ فقط أشعر براحة كبرى "
وأردد دائما بينى وبين نفسى كلمة الإمام على : " لو كان الفقر رجلا لقتلته" . وفى إعتقادى أن الفقر يجر الإنسان إلى مصائب كثيرة ، وكثيرا ما يكون سببا فى ذله واضطهاده ، وبالنظرة الإنسانية الغريزية أتجه دائما إلى الدفاع عن هؤلاء الناس الذين سحقتهم الحياة ، وهذه النظرة ليس فيها أى افتعال ، فكل إنسان له إحساس غريزى إنسانى إزاء ما يراه فى المجتمع من الصور " .
" أرسم دائما الشخصية المهضومة الحق .. المعذبة .. القدرية .. العاجزة عن التحرك ومواجهة صعاب الحياة .. حتى أسماء القصص تدل على هذا ، ويأتى هذا من معايشة طويلة وبحتة .. تتغلغل فى النفس ، وتجد أنه لا مفر ولا متنفس لها إلا الخروج على الورق " .
" وإذا كان إنتاجى يتضمن تعاطفا مع الإنسان ، فهذا ينبع من طبعى وروحى ، وسأظل أدافع عن المسحوقين حتى يصبح لهم الحق فى الحياة .. ولا أكتب ليقرأ كتبى رواد نادى الجزيرة وهليوبوليس ، ولست أعتقد أن بين هؤلاء الرواد قارئا لى ".
" أكتب ما أشعر به ، وأحسه بوجدانى ، وأعيشه فى حياتى .. وأكتب عن تجربة صادقة ، ولا أفتعل الحوادث ولا أزينها .. ولا أتقيد بمذهب ولا أعرف المذاهب ، وأنا واقعى مثل جوستاف وفلوبير ودكنز وجوركى وتشيكوف وطبيعى أحيانا مثل زولا .. وهؤلاء لم يدرسوا الواقعية ولا الطبيعة قبل كتابتهم ، وإنما كتبوا بالفطرة ، ومتأثرين بالجو الذى يعيشون فيه ، وبالأشخاص الذين يلتقون بهم فى الحياة ، فشخوصهم حية عامرة بنبض الحياة ، ولهذا عاشت قصصهم .
وأنا متشائم أحيانا ، ومتفائل جدًا أحيانا أخرى ، تبعا لمدارج حياتى .
ولم أتلق الكتابة عن أستاذ ، ولم يوجهنى شخص .. وأكتب فيض مشاعرى ، لأ نفس عن نفسى وأعيش ، ولو لم أكتب لمت بالسكتة ، من فرط الإحساس بعذاب الناس ، وما تطحنهم به الحياة ، وما تصيبهم به قارعات القدر ، وما يلاقونه من عنت وظلم فى العجلة الدوارة .
وأنا كالشاعر الذى يقول الشعر بالسليقة قبل أن يتعلم العروض ، وأكتب قبل أن أعرف المذاهب الأدبية .. ومعرفتها هراء فى هراء .. والكتابة القصصية فن وإلهام يأتيان بالفطرة .. والقراءة والدرس لاكتساب الشكل الفنى الأمثل وتجويده ، ولإتساع مدارج التفكير وعمق النظرة للحياة ".
" ولا أحب الأماكن المغلقة .. أحب الأماكن المفتوحة ، وأحب أن تكون الحياة متحركة أمامى دائما ، فالكتابة الأولى لأى عمل أدبى لابد أن تتم وحولى الناس بكل الصخب والضجيج الذى يحدثونه ، أما الكتابة الثانية أو الثالثة فهى تتم فى البيت عادة ، وإن كان من المؤسف أن المقاهى تختفى من حياتنا ، كل الأشياء الجميلة تختفى ، كافة المقاهى المتسعة تتحول إلى محلات من أنواع جديدة .
الآن أمشى كثيرا فى الشوارع وخلال المشى فإننى أؤلف أعمالى الأدبية وأنا أتجول هنا وهناك " .
" أحس أننى ألتحم برجل الشارع .. فى الزحام أتأمل وأكتب من وإلى الإنسان المصرى .. الذى يمثل البطولة فى كل عمل أكتبه ".
" وبعض القصص تجعلنى أعيش فى ذهول تام وغفلة عن كل ما حولى ، لصراعى مع هذه الشخصيات وخشيتى ألا تكون مطابقة للواقع الذى أعيش فيه وأكتب له
منذ أن أصدر البدوى رواية الرحيل عام 1935 واتخذ خطه ومنهجه فى الحياة فى كتابة القصة القصيرة حتى آخر أيام حياته فى 11/2/1986 ، فقد نشرت له صحيفة مايو قصة " السماء لا تغفل أبدًا فى 4/3/1985 وعمره فى ذلك الوقت يزيد على 77 عاما ، وآخر أعماله قصتين كتبهما بالقلم الرصاص وعلى ورق أبيض فى دفتر كبير لم ينشرهما ، وسمى الأولى باسم " الطوق " وهى تحكى قصة سيدنا موسى عليه السلام منذ ولادته وحتى قيام الحروب الدامية طوال ثلاثين عاما " حروب 48 و56 و67 و1973 " التى زرعت الحقد والخوف فى النفوس وذهب فيها آلاف الشهداء ، ثم ذهاب الرئيس السادات إلى القدس .. ويقص البدوى .. ويقول "وفكر الرجل العظيم فى أن ينهى هذا كله مواجهة .. دون لف أو دوران وذهب إلى القدس.. يحمل حمامة السلام وراية السلام البيضاء .. واستجابت له النفوس واهتزت من الفرحة القلوب " .
ويختتم قصته بقوله .. " فما جدوى القتل وماجدوى التدمير.. ؟ وما الذى يستفيده الناس من الحروب ؟ الغالب والمغلوب فى خساره .. تلك سنة الحياة الكبرى " .
والقصة الثانية بعنوان " المعراج " لم يكملها البدوى وقد كانت آخر أعماله .
ويقول البدوى .. " أنا لا أفكر فى الخلود أبدًا ، أو تخطى حدود الزمان الذى عشنا فيه ، الخلود أسطورة لا أعرفها ، ولا أتصور كاتبا ينقب فى حياتى بعد موتى ، وحتى إن حاول أحد ذلك ، لن يجد فى بيتى ولا فى أهل بيتى ما يعينه على فهم أى شىء ، أنا أكتب لأطارد من خلال الكلمة شبح الموت والخوف والرعب ، أحاول الوقوف مع مكسورى الجناح من البشر ، ورفع الظلم عنهم . بالنسبة لى أحيانا أكتشف أننى أكتب لأطارد شبح الملل عنى ، كلها أشباح أطاردها ، من خلال ما أكتبه "
" عندما تنتابنى ساعة الخوف من شىء مجهول ، أفكر فى كتابة قصة وبعد كتابة القصة أشعر براحة لا حدود لها ، أنا أكتب عن المعذبين والمضطهدين ومن لا حول له ولا قوة ، وهذا يعطينى دافعا للإجادة " .
" وأنا حتى فى هذه السن الكبيرة أتحرك فى الشارع لألتقط الصور لكى أكون منها قصة " .
" أكتب لأدفع شيئا رهيبا فى النفس ــ قد يكون هذا مرضا ــ هو شبح الخوف من شىء مجهول ، لا أستطيع أن أوضحه بالكلام إطلاقا ، غير أنه جعلنى كثير السفر والرحيل ، شىء نفسى ، لأننى عندما أكتب القصة أستريح تماما وأشعر كأن كل أعصابى ، وكل جسمى ارتاح تماما ، خصوصا إذا أحببت البطل أو البطلة ، وعايشتهما وأخرجتهما على الورق كما عايشتهما "
" أتوحد مع أبطالى لدرجة المعايشة المطلقة ، وهم يعيشون معى فى ذهنى وحواسى إلى أن أفرغ من كتابة القصة " .
" ما أريد قوله فى هذا الصدد ، أن كل إنسان كاتب لديه حاسة غرور تحضه على الاستمرار ، ولحظات القلق والخوف هى التى جعلتنى أستمر فى الكتابة لأنها تظهر لحظات التجلى للفنان ، وهى التى تجعل الكاتب يعيش ، كما أن من الكتاب من يتوهم أن عليه رسالة ، هذه الأشياء مجتمعة هى التى جعلتنى أستمر فى الكتابة .
والحقيقة أننى ، فى الواقع ، عندما أرى مشهدا من الحياة يعذب نفسى ، أنفعل به إلى أقصى درجة ، ولا أملك إلا أن أصوره ، وعندئذ فقط أشعر براحة كبرى "
وأردد دائما بينى وبين نفسى كلمة الإمام على : " لو كان الفقر رجلا لقتلته" . وفى إعتقادى أن الفقر يجر الإنسان إلى مصائب كثيرة ، وكثيرا ما يكون سببا فى ذله واضطهاده ، وبالنظرة الإنسانية الغريزية أتجه دائما إلى الدفاع عن هؤلاء الناس الذين سحقتهم الحياة ، وهذه النظرة ليس فيها أى افتعال ، فكل إنسان له إحساس غريزى إنسانى إزاء ما يراه فى المجتمع من الصور " .
" أرسم دائما الشخصية المهضومة الحق .. المعذبة .. القدرية .. العاجزة عن التحرك ومواجهة صعاب الحياة .. حتى أسماء القصص تدل على هذا ، ويأتى هذا من معايشة طويلة وبحتة .. تتغلغل فى النفس ، وتجد أنه لا مفر ولا متنفس لها إلا الخروج على الورق " .
" وإذا كان إنتاجى يتضمن تعاطفا مع الإنسان ، فهذا ينبع من طبعى وروحى ، وسأظل أدافع عن المسحوقين حتى يصبح لهم الحق فى الحياة .. ولا أكتب ليقرأ كتبى رواد نادى الجزيرة وهليوبوليس ، ولست أعتقد أن بين هؤلاء الرواد قارئا لى ".
" أكتب ما أشعر به ، وأحسه بوجدانى ، وأعيشه فى حياتى .. وأكتب عن تجربة صادقة ، ولا أفتعل الحوادث ولا أزينها .. ولا أتقيد بمذهب ولا أعرف المذاهب ، وأنا واقعى مثل جوستاف وفلوبير ودكنز وجوركى وتشيكوف وطبيعى أحيانا مثل زولا .. وهؤلاء لم يدرسوا الواقعية ولا الطبيعة قبل كتابتهم ، وإنما كتبوا بالفطرة ، ومتأثرين بالجو الذى يعيشون فيه ، وبالأشخاص الذين يلتقون بهم فى الحياة ، فشخوصهم حية عامرة بنبض الحياة ، ولهذا عاشت قصصهم .
وأنا متشائم أحيانا ، ومتفائل جدًا أحيانا أخرى ، تبعا لمدارج حياتى .
ولم أتلق الكتابة عن أستاذ ، ولم يوجهنى شخص .. وأكتب فيض مشاعرى ، لأ نفس عن نفسى وأعيش ، ولو لم أكتب لمت بالسكتة ، من فرط الإحساس بعذاب الناس ، وما تطحنهم به الحياة ، وما تصيبهم به قارعات القدر ، وما يلاقونه من عنت وظلم فى العجلة الدوارة .
وأنا كالشاعر الذى يقول الشعر بالسليقة قبل أن يتعلم العروض ، وأكتب قبل أن أعرف المذاهب الأدبية .. ومعرفتها هراء فى هراء .. والكتابة القصصية فن وإلهام يأتيان بالفطرة .. والقراءة والدرس لاكتساب الشكل الفنى الأمثل وتجويده ، ولإتساع مدارج التفكير وعمق النظرة للحياة ".
" ولا أحب الأماكن المغلقة .. أحب الأماكن المفتوحة ، وأحب أن تكون الحياة متحركة أمامى دائما ، فالكتابة الأولى لأى عمل أدبى لابد أن تتم وحولى الناس بكل الصخب والضجيج الذى يحدثونه ، أما الكتابة الثانية أو الثالثة فهى تتم فى البيت عادة ، وإن كان من المؤسف أن المقاهى تختفى من حياتنا ، كل الأشياء الجميلة تختفى ، كافة المقاهى المتسعة تتحول إلى محلات من أنواع جديدة .
الآن أمشى كثيرا فى الشوارع وخلال المشى فإننى أؤلف أعمالى الأدبية وأنا أتجول هنا وهناك " .
" أحس أننى ألتحم برجل الشارع .. فى الزحام أتأمل وأكتب من وإلى الإنسان المصرى .. الذى يمثل البطولة فى كل عمل أكتبه ".
" وبعض القصص تجعلنى أعيش فى ذهول تام وغفلة عن كل ما حولى ، لصراعى مع هذه الشخصيات وخشيتى ألا تكون مطابقة للواقع الذى أعيش فيه وأكتب له
.
ومن العجب أننى عندما أتحرك فى شوارع القاهرة وأنا على هذه الحالة من الذهول أجد من يستوقفنى ويسألنى عن إسم شارع أو متجر أو شركة هندسية ، وأقول فى نفسى .. لماذا هذه الغباوة ..؟ ألا تلاحظ ذهولى وتسأل غيرى أحسن لك ..؟ وبعضهم سألنى ذات مرة عن " باب البحر " فأشرت إليه وأنا مغتاظ إلى ناحية " روض الفرج " لأنه لا يوجد بحر إلا هناك ، وأهل القاهرة يسمون النيل البحر .. ومن العجب أننى كنت أسير فى "باب البحر" نفسه ولا أعرفه .
ويكثر السؤال من النساء .. وهذا معقول لأنهن يتخيرن كبار السن دفعا عن الشبهة وعن عيون المارة المراقبة فى فضول .
وسألتنى واحدة منهن عن سوق الخضار الذى فى العتبة .. وكنت فى ميدان الأوبرا ، فاضطررت أن أتحمل العذاب وأسير معها إلى السوق نفسه .. لأنها كانت ريفية جميلة ومن السهل أن تقع فى يد قناص من أشرار الشوارع ".
" إننى أكتب فى كل الأزمنة ، ولا أكتب للمجد أو الشهرة ، ولكن إذا كان الأدب سيعيش فى البلاد العربية ، فستعيش لى عشر قصص على الأقل ، كما عاش أدب ابن المقفع وابن العميد ، لأننى أكتب بصدق وواقعية وهذا ليس غرورًا ".
"أكتب عن روح العصر ــ لكنى لا أكتب عن تجار اللحوم الفاسدة أو المكرونة ، لا أكتب عن العمارات التى تبنى وتهدم على أصحابها ، أنا لا أتناول هذا الخط .. هذا عمل صحفى ، وربما يمكن للروائى أن يتناولها أما القصة القصيرة فلا ".
" الفكر خالد وسرمدى ، ولا قيود يمكن أن تطمس وجهه ، والقارئ يجب أن يرى وجهه فى الكتاب الذى يقرأه ، ويلمس مشاعره وأحاسيسه بين السطور ، وأخلد الكتاب هم الذين صوروا الحياة بصدق .
وأنا أقرأ أدب الحرب والدعاية ، وأشعر بغتاته ، فهل الألمان وحدهم هم الذين قتلوا النساء والأطفال فى الحرب وهتكوا الأعراض .. والروس والإنجليز والأمريكان لم يفعلوا ذلك ، هل كانوا فى نزهة ويمسحون على أذرع النساء فى ألمانيا وإيطاليا ويربتون على أكتافهم .. إن التاريخ لا يغفل مهما حاول المنتصرون طمسه ، لقد لاقى النسوة العذاب والهوان بعد الهزيمة ، وذهب ماء وجوههن فى حالات الجوع والتشرد .
ويل للمغلوب كما قال غليوم .. وفظائع الحرب تصيب الجميع بالدمار والفساد والتمزق ، وعلينا أن نكتب الحقيقة والصدق ".
=================================
ومن العجب أننى عندما أتحرك فى شوارع القاهرة وأنا على هذه الحالة من الذهول أجد من يستوقفنى ويسألنى عن إسم شارع أو متجر أو شركة هندسية ، وأقول فى نفسى .. لماذا هذه الغباوة ..؟ ألا تلاحظ ذهولى وتسأل غيرى أحسن لك ..؟ وبعضهم سألنى ذات مرة عن " باب البحر " فأشرت إليه وأنا مغتاظ إلى ناحية " روض الفرج " لأنه لا يوجد بحر إلا هناك ، وأهل القاهرة يسمون النيل البحر .. ومن العجب أننى كنت أسير فى "باب البحر" نفسه ولا أعرفه .
ويكثر السؤال من النساء .. وهذا معقول لأنهن يتخيرن كبار السن دفعا عن الشبهة وعن عيون المارة المراقبة فى فضول .
وسألتنى واحدة منهن عن سوق الخضار الذى فى العتبة .. وكنت فى ميدان الأوبرا ، فاضطررت أن أتحمل العذاب وأسير معها إلى السوق نفسه .. لأنها كانت ريفية جميلة ومن السهل أن تقع فى يد قناص من أشرار الشوارع ".
" إننى أكتب فى كل الأزمنة ، ولا أكتب للمجد أو الشهرة ، ولكن إذا كان الأدب سيعيش فى البلاد العربية ، فستعيش لى عشر قصص على الأقل ، كما عاش أدب ابن المقفع وابن العميد ، لأننى أكتب بصدق وواقعية وهذا ليس غرورًا ".
"أكتب عن روح العصر ــ لكنى لا أكتب عن تجار اللحوم الفاسدة أو المكرونة ، لا أكتب عن العمارات التى تبنى وتهدم على أصحابها ، أنا لا أتناول هذا الخط .. هذا عمل صحفى ، وربما يمكن للروائى أن يتناولها أما القصة القصيرة فلا ".
" الفكر خالد وسرمدى ، ولا قيود يمكن أن تطمس وجهه ، والقارئ يجب أن يرى وجهه فى الكتاب الذى يقرأه ، ويلمس مشاعره وأحاسيسه بين السطور ، وأخلد الكتاب هم الذين صوروا الحياة بصدق .
وأنا أقرأ أدب الحرب والدعاية ، وأشعر بغتاته ، فهل الألمان وحدهم هم الذين قتلوا النساء والأطفال فى الحرب وهتكوا الأعراض .. والروس والإنجليز والأمريكان لم يفعلوا ذلك ، هل كانوا فى نزهة ويمسحون على أذرع النساء فى ألمانيا وإيطاليا ويربتون على أكتافهم .. إن التاريخ لا يغفل مهما حاول المنتصرون طمسه ، لقد لاقى النسوة العذاب والهوان بعد الهزيمة ، وذهب ماء وجوههن فى حالات الجوع والتشرد .
ويل للمغلوب كما قال غليوم .. وفظائع الحرب تصيب الجميع بالدمار والفساد والتمزق ، وعلينا أن نكتب الحقيقة والصدق ".
=================================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق